-->
U3F1ZWV6ZTQzNzY1MTc3MzUyX0FjdGl2YXRpb240OTU3OTkwNzU4NDg=
recent
أخبار ساخنة

" تحت التين " - حكايا الانتفاضة الفلسطينية الأولى

حكايا الانتفاضة الأولى (4) 

كانت قطعة الأرض المسيّجة في وسط المدينة والمزروعة بتين كثيف الاغصان بمثابة ثقب أسود ، كثرت عنها حكايا الاشباح والظلام بين الصِبية




الانتفاضة الفلسطينية الأولى
تحت التين

 أغصانها  تشابكت وامتدت بعد اهمالها وعدم تشذيبها بسبب هجرة اصحابها للولايات المتحدة فتشكلت مع الوقت سحابة من الاغصان المتشابكة  تحجب نور النهار عن أرضها ، فبدت من الداخل معتمة مخيفة لا يجرؤ أحد على دخولها ، 
في الحقيقة لم يجرؤ الشباب على دخولها ابدا خلال المواجهات ولا حتى الجيش ! 

رصاصتين !

ذات مساء  كانت المظاهرة قد انفضت بعد أن اطلق الجنود وابلاً من الرصاص المطاطي وقنابل الغاز وراجمات الحجارة ، 
تفرق الشبان ، وخلال هروبهم سمعوا صوت رصاصتين من ذخيرة حية ، كان غريبا أن يطلق الجنود رصاصتان هكذا من دون سبب خاصة بعد ان انفضت المظاهرة تقريبا ، لم يعرف احد في ذلك المساء فيم كان اطلاق هاتين الرصاصتين الختاميتين ، 


هذا ابني !

بأي حال وكما جرت العادة ، دق الشبان على أبواب لم يعرفوا اصحابها ، كل واحد منهم اختبأ في شقة أو بيت ما من بيوت الحي ،
كان الجميع يعرف الاجراءات ويحفظ الدرس جيدا ً ، سواء اهل البيت الذين يمثلون البيئة الحاضنة أو الشبان الهاربين ،
عليك اولا تغيير ملابسك التي تفوح منها رائحة الكاوتشوك أو الغاز أو التي على الاغلب ميزها الجنود خلال المظاهرة ،
ثم عليك أن ترتدي من ملابس من اهل البيت الذي اختبات فيه وتجلس معهم لتفعل ما يفعلون ،
تأكل ، تنام ، تستحم ، أي شيء يظهرك وكأنك واحد من ابناء البيت الرحماني الدافئ المستقر بعيداً عما يحدث خارجاً وكل ذلك استعداداً لما يلي ذلك عادة من مداهمة الجنود لمنازل المنطقة ومحاولة اعتقال الشبان ، لتكون بطل المسرحية المعتادة والمألوفة " هذا ابني " !


أسامة

هرب الجميع في ذلك المساء واحتضنتهم منازل الحي الا أسامة !
لم يدخل الى أي من شقق أو بيوت المنطقة وفي اليوم التالي لم يحضر للمدرسة ، بحث اهله عنه ، الجميع بحث عنه ولم يجدوه ، كان الاعتقاد الغالب والسائد أن اسامة اعتقل حين هرب الشبان ولكن الجيش كما كان يفعل كثيرا ينكر وجوده لديهم .


تحت التين

بعد نحو اسبوع من البحث اليائس والسؤال في مراكز التحقيق والمستشفيات قررت قطعة الأرض المسيجة أخيراً ان تتحدث عبر رائحة الموت ،
كانت الرصاصتان اللتان اطلقهما الجنود في نهاية المظاهرة قد اصابتا أسامة ،
اعتلى السور وتسلق سياج قطعة الأرض وقفز الى داخلها ، وهنالك حيث لايجرؤ احد على الدخول ، تحت أوراق التين وغطاء الأغصان المتشابكة الكثيف ظل اسامة ينزف الى ان مات .

......

عن مهند ابوغوش
بتصرف*
الاسمبريد إلكترونيرسالة