الكمامة واستعمالها خلال الانفلونزا الاسبانية عام 1918

تبدو كلمة " كمامة " كلمة مألوفة جداً هذه الايام في ظل انتشار فايروس كورونا - كوفيد19 - حول العالم ويبدو ارتداؤها مسألة طبيعية تماما في المناطق التي ينتشر فيها الوباء , غير أن هذا لم يكن الحال تماماً خلال فترة انتشار الانفلونزا الاسبانية بدايات القرن المنصرم .

ارتداء الكمامات خلال انتشار وباء الانفلونزا الاسبانية 1918

بداية ظهور الانفلونزا الاسبانية والكمامات

في خريف عام 1918 ، وعند اول اقرار رسمي في الولايات المتحدة بأن نوعًا أكثر فتكًا من الأنفلونزا كان ينتشر بسرعة ، أوصى مسؤولو الصحة العامة الأمريكيون بأقنعة للأطباء والممرضات وأي شخص يعتني بمرضى الأنفلونزا بالذات ،

اصدرت الصحف تعليمات حول "كيفية صنع الأقنعة في المنزل" ونشرت صوراً للممرضات بالأقنعة ،

وكانت تلك الأقنعة مجرد واحدة من "التدخلات غير الدوائية" أو سياسات "التباعد الاجتماعي" ، كما نسميها حديثا ، المعتمدة لاحتواء الوباء ، كذلك إغلاق المدارس ، وحظر التجمعات العامة و نصائح بشأن تغييرات السلوك الشخصي.

نشرات الصحف المتعلقة بارتداء الكمامات خلال انتشار وباء الانفلونزا الاسبانية

كيف تعامل الناس مع الكمامات خلال انتشار الوباء الاعظم فتكاً في التاريخ

رفض الكثير من الناس ارتداء الكمامات أثناء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 ، بدعوى أن تطبيق قانون ارتداء الكمامات الذي فرضته الحكومة ينتهك حرياتهم المدنية. وقد تم تشكيل "رابطة مناهضة الأقنعة" في سان فرانسيسكو للاحتجاج على التشريع.

ردة افعال الرجال والنساء على فرض الكمامات

اتضح أن الرجال بحاجة إلى اقناع اكثر من النساء للاستجابة لنصائح مسؤولي الصحة العامة ، فقد ربط بعض الرجال الأقنعة بالأنوثة ، وقد رفضوا التخلي عن سلوكيات مثل البصق والسعال المتهور ورفض النظافة وربطوا التخلي عنها - أي روابط الانضباط الصحي- بالانوثة خلال وباء عام 1918 ، ووفقًا لتقرير صدر عام 2010 في مجلة مكتبة الولايات المتحدة الوطنية، أنه وخلال انتشار الانفلونزا الاسبانية اعاد مسؤولو الصحة تعريف الرعاية الشخصية بالنظافة وربطوها بالانتماء وحب الوطن ليسهل اقناع الرجال بها ،

الى ذلك فقد أتاح وباء الإنفلونزا لحظة تعليمية يمكن فيها استبدال مقاومة الذكور لقواعد النظافة المرتبطة بالأمهات والمعلمين بنمط أكثر حداثة وقوة من الصحة العامة ، غارق في الانضباط. والوطنية والمسؤولية الشخصية .

رجل وزوجته يرتديان الكمامات خلال انتشار الانفلونزا الاسبانية

فرض ارتداء الاقنعة والكمامات تدريجيا خلال الانفلونزا الاسبانية

لقد حدث التحول من التوصية بالأقنعة لمقدمي الرعاية الصحية إلى التشجيع وحتى طلب الأقنعة في الأماكن العامة بشكل تدريجي وغير متسق. الأكثر شهرة ، سان فرانسيسكو ، كاليفورنيا ، بالإضافة إلى مدن غربية أخرى مثل سياتل وواشنطن وجونو وألاسكا وفينيكس وأريزونا ، أصدرت قوانين تتطلب الأقنعة في الأماكن العامة،

يمكن تغريم المخالفين والغرامات والسجن. لكن في غضون أسابيع ، مع انخفاض عدد الحالات والوفيات ، تم تخفيف التوصيات وحتى اللوائح الخاصة بارتداء الأقنعة ثم إلغاءها.

الزام الناس بمختلف فئاتهم على ارتداء الكمامات خلال الانفلونزا الاسبانية

هل منعت الاقنعة والكمامات انتشار الانفلونزا الاسبانية ؟

خلص الخبراء الذين درسوا الأدلة من عام 1918 إلى أن أقنعة الإنفلونزا لم تتحكم في العدوى. في ديسمبر 1918 ، أوصت جمعية الصحة العامة الأمريكية بأن يكون "ارتداء الأقنعة المناسبة" إلزاميًا للعاملين في المجال الطبي ، والمهن مثل "الحلاقين وأطباء الأسنان ، إلخ." و "كل من يتعرض مباشرة للعدوى"،

وخلصت اللجنة أيضًا ، إلى أن الأدلة "على النتائج المفيدة الناتجة عن إجبار عامة السكان على ارتداء الأقنعة في جميع الأوقات كانت متضاربة" ، وبالتالي لم توصي اللجنة "بتبني واسع النطاق من هذه الممارسة ". وأوصت اللجنة بإبلاغ الأشخاص "الذين يرغبون في ارتداء الأقنعة" بكيفية صنع وارتداء الأقنعة المناسبة ، وتشجيعهم على ذلك "،

وفي عام 1919 ، خلصت دراسة ويلفريد كيلوج لمجلس الصحة بولاية كاليفورنيا إلى أن أوامر الأقنعة "المطبقة بالقوة على مجتمعات بأكملها" لم تقلل الحالات والوفيات ، كما أكدت مقارنات المدن مع سياسات اخفاء متباينة على نطاق واسع.

دراسات جول جدوى ارتداء الكمامة خلال الانفلونزا الاسبانية

تم استخدام الأقنعة غالبًا في الأماكن العامة ، حيث كانت أقل فعالية ، بينما تمت إزالة الأقنعة عندما يدخل الأشخاص إلى العمل أو الاختلاط بالآخرين ، حيث يكونون أكثر عرضة للإصابة،

في دراسة شاملة نُشرت عام 1921 ، قال وارن تي فون إن "فعالية أقنعة الوجه لا تزال موضع شك". كانت المشكلة هي السلوك البشري: فقد تم استخدام الأقنعة حتى تصبح متسخة ، ويتم ارتداؤها بطريقة توفر القليل من الحماية أو لا توفر حماية على الإطلاق ، ولم تتغلب القوانين الإلزامية على "عدم التعاون من جانب جمهور"،

استنتاج فون الواقعي: "من الآمن أن نقول إن قناع الوجه كما استخدم كان فاشلاً".

ي عام 1927 ، نشرت دراسة إدوين جوردان النهائية في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية كسلسلة من المقالات مثل كتاب المرضى بالفعل أو المعرضين مباشرة للضحايا ، بما في ذلك الممرضات و الأطباء،

ومع ذلك ، أقر جوردان أيضًا بأن "الأقنعة غير مريحة وغير عملية ، وتتطلب الكثير من "الانضباط ، سواء تم فرضها أو غير ذلك". توصل جوردان إلى نتيجة أكثر حذراً: "ليس من السهل تحديد تأثير ارتداء القناع على المجتمع بأسره".

ارتداء الكمامات من دون القفازات الطبية من دلالات ضعف المعطى العلمي آنذاك

كم عدد الذين ماتو بالانفلونزا الاسبانية ؟

نقل جثث قتلى وباء الانفلونزا الاسبانية 1918

أصابت الأنفلونزا الإسبانية حوالي 500 مليون شخص ، أو حوالي ثلث سكان العالم. وتختلف تقديرات عدد المصابين الذين لقوا حتفهم ، لكن الإنفلونزا لا تزال تعتبر من أكثر الأوبئة فتكًا في التاريخ. تشير تقديرات عام 1991 إلى أن الفيروس قتل ما بين 25 و 39 مليون شخص.

عام 2005 قدر عدد القتلى خلال انتشار وباء الانفلونزا الاسبانية بـ 50 مليون (حوالي 3٪ من سكان العالم) ، وربما يصل إلى 100 مليون (أكثر من 5٪). ومع ذلك ، فإن إعادة التقييم في عام 2018 قدرت العدد الإجمالي بنحو 17 مليونًا ، على الرغم من أن هذا محل خلاف. كان يبلغ عدد سكان العالم آنذاك 1.8 إلى 1.9 مليار نسمة ، وتتوافق هذه التقديرات مع الاعتقاد القائل ان الانفلونزا الاسبانية قتلت ما بين 1 و 6 في المائة من سكان العالم .