recent
أخبار ساخنة

لماذا يتفوق صلاح رغم مهارات دياز؟ السر الذي فهمه محمد صلاح وضل عنه لويس دياز

في كل لعبة هناك سر!!

في زوايا الملعب، حيث تُصاغ الأساطير وتُكتب الحكايات على وقع التصفيق والأنفاس المحبوسة،يُحكى سرٌّ لا يفهمه إلا من عرف أن كرة القدم فلسفة قبل أن تكون لعبة ! هناك، تحت أضواء البطولات وهمسات الجماهير، نجد محمد صلاح ليس مجرد لاعبٍ سريع أو موهبة عابرة او كأنك تتعامل مع آلة فتأتي لخانة البحث لتكتب احصائيات محمد صلاح وتقرأ كأنك تقرأ عن روبوت ، بل صلاح اليوم قائد حوّل الموهبة إلى مشروع عملي، يبني به تاريخًا لا يتبدد. في الوقت الذي يلهو فيه آخرون بالكرة كمراهقين في ملعب خماسي.
محمد صلاح ولويس دياز

 
في عالم يُصفّق فيه الجمهور لمن يراوغ، اختار صلاح أن يُسكت المدرجات بهدف، بتمريرة، بلقب.آخرون، مثل لويس دياز، ما زالوا يراوغون على حافة المجد دون أن يدخلوه. في حين اختار صلاح أن يكون الرجل الذي يحسم المعارك بصمت، لا بالضجيج.
وعليه فصلاح كان لاعبًا يبحث عن المعنى الأعمق، عن السرّ المخفي وراء بريق الأضواء وسحر المهارات. كيف تُصبح حاسمًا؟ كيف تصنع المجد بدل أن تلهو باللحظة؟




هل  المهارة وحدها كافية لصناعة الأبطال؟


عندما نعود بالزمن إلى بدايات صلاح، نرى لاعبًا شابًا يتمتع بقدمين سحريتين، يراوغ مدافعين كأنه يرسم لوحاتٍ في الهواء ، رقصات ساحرة وانطلاقات مجنونة ودهاء متقد ومتعة بصرية لكن ذلك تغير على نحو ما ! 

قد يعتقد البعض ( وانا منهم في مرحلة سابقة ) أن محمد صلاح لم يعد ممتعًا كما كان، وانه ليس متعة للعين او على الاقل فقد بريق المراوغات والمهارات التي تجذب الأنظار وتُمتع العيون. لكن ما المهم  في كرة القدم، هل المتعة حقًا في المراوغة؟ أم في تسجيل الاهداف واكتساب النقاط  وفرحة الفوز بالنهاية ؟ في الواقع الامر لا يحتاج لكثير من التفكير وهو واضح تماما ومباشر ، اجعلني كمشجع افرح في نهاية الموسم برفع الالقاب وصناعة المجد لفريقي الذي أحب اهم عندي ألف مرة من ان أتابع مهاراتك على شكل مقاطع على اليوتيوب بعد سنوات وأتحسر على الألقاب الضائعة ! 

صلاح ودياز



 كيف تحوّل الفنان إلى جلاد لا يرحم ؟


عندما ننظر إلى بدايات صلاح في المقاولون العرب، ثم في بازل السويسري، وحتى في فترة تألقه في فيورنتينا وروما، نجد لاعبًا سريعًا جدا ( كان في فترة ما اذا لم تخني الذاكرة اسرع لاعب مسجل في الدوريات الخمس لمهمة في اوروبا ) ، مبدعًا، ومليئًا بالمهارات. لكنه لم يكن اسطورة ونجمًا عالميًا بعد! ما السبب؟ 
لانه وببساطة كانت أرقامه لاتزال ارقام متوسطة ف المهارات كانت موجودة، لكن النتائج لم تكن كافية تماما ! 

ثم جاءت النقلة: 

ليفربول وتحت قيادة يورغن كلوب، هناك أدرك صلاح أن سر اللعبة لا يكمن في خداع المدافعين بمهارة، بل في هز الشباك. لذلك لاحظنا انه قلل من المراوغات كثيرا ، ركّز على التمركز، السرعة في اتخاذ القرار، والتحرك الذكي. و فجأة، انفجرت الارقام ، في ذلك الموسم الاول لوحده تمكن صلاح من كسر الرقم التاريخي لاكثر اللاعبين تسجيلا للاهداف في نسخة البريمريلج ب 32 هدفا ، هذا ناهيك عن التمريرات الحاسمة الكثيرة وحسم المباريات المهمة بالاهداف التي تحتسب لا بالمهارات . 

لويس دياز و فخ الاستعراض

ديازلاعب موهوب، يمتع الجماهير، يرقص بالكرة، يراوغ لاعبين وثلاثة في كل هجمة، لكنه ينهيها بضياع الكرة أو تسديدة غير مركزة. مشهد يتكرر كل أسبوع وترانا نستشيط غضبا على الفرص الضائعة بسذاجة ولا مبالاة وهو مصر ولا يزال متمسكًا بوهم المهارة، وتقريبا بهذه الحالة يمثل انموذج اللاعب الذي يقع في فخ الاستعراض، يظن أن الإبهار هو الطريق إلى الشهرة، لكنه ينسى أن العين قد تنجذب إلى الراقص، لكن القلب ينجذب إلى من يحرز الهدف، بينما صلاح تجاوز تلك المرحلة لان المهارة وحدها لا تكفي ، والامثلة زاخرة بالتاريخ الرياضي فكم من لاعب مهاري ملأ الشاشات سحرًا، ثم اختفى دون أن يحقق بطولة أو يصنع مجدًا؟ والجماهير تتذكر فقط من يصنع الألقاب، لا من يرقص بالكرة دون نتيجة 

ولعل من ابرز الامثلة على لاعبين مهاريين نسيهم التاريخ :

  • ريكاردو كواريسما

الذي كان يُلقّب بـ"الفتى العجيب"، وكان يمتلك قدمًا ساحرة، لكنه لم يصل إلى نصف ما وصل إليه زميله كريستيانو رونالدو.

  •  عدنان يانوزاي

الذي بزغ كموهبة لامعة في مانشستر يونايتد لكنه تلاشى لأنه لم يطور نفسه خارج حدود الاستعراض.

  • حتى نيمار

 بكل ما لديه من قدرات، تراجع بريقه مع الوقت وافل نجمه وذهب بعيدا الى الدوري البرازيلي لأنه لم يُحسن الاستثمار في اللحظة الحاسمة.
 
  • كيرلون (Kerlon) 
اشتهر بحركته الفريدة "مراوغة الفقمة" التي أثارت إعجاب الجماهير، حيث كان يرفع الكرة على رأسه ويركض بها متجاوزًا المدافعين. تألق في بطولة أمريكا الجنوبية تحت 17 عامًا عام 2005، مما جذب اهتمام الأندية الأوروبية. انضم إلى إنتر ميلان، لكنه لم يشارك في أي مباراة رسمية بسبب إصابات متكررة في الركبة، مما أدى إلى تراجع مستواه واعتزاله المبكر. 

  • أدريان دوهرتي (Adrian Doherty) 

كان جزءًا من جيل "كلاس 92" الشهير في مانشستر يونايتد، وُصف بأنه موهبة فذة تفوق حتى رايان غيغز. لكن إصابة خطيرة في الركبة قبل ظهوره الأول مع الفريق الأول أنهت مسيرته الاحترافية قبل أن تبدأ. توفي في حادث مأساوي عام 2000 عن عمر يناهز 26 عامًا. ​
  •  بيلي كيني (Billy Kenny) 

وُصف بأنه "الفتى الذهبي" لإيفرتون في أوائل التسعينيات، وكان يُتوقع له مستقبل باهر. لكن مشاكله مع الإدمان والانضباط أدت إلى تدهور مسيرته، واعتزل كرة القدم الاحترافية في سن 21 عامًا
  • عادل تاعرابت – المغرب
لُقّب بـ"خليفة زيدان" بسبب مهاراته الفنية العالية وتألقه مع كوينز بارك رينجرز. لكن مشاكله مع الانضباط واللياقة البدنية، بالإضافة إلى عدم استقراره مع الأندية، حالت دون تحقيقه للنجومية المتوقعة.

  •  ألكسندر باتو (Alexandre Pato) 

بدأ مسيرته بقوة مع ميلان الإيطالي، وكان يُعتبر من أبرز المواهب الهجومية في العالم. لكن سلسلة من الإصابات المتكررة أثرت سلبًا على مستواه، مما أدى إلى تراجع مسيرته وانتقاله بين عدة أندية دون استعادة بريقه السابق. 
 

  • رافيل موريسون ا

اعتُبر من ألمع المواهب في أكاديمية مانشستر يونايتد، حيث وصفه البعض بأنه "أفضل لاعب شاب رأوه على الإطلاق". لكن مشاكله خارج الملعب، بما في ذلك القضايا القانونية والانضباطية، حالت دون تحقيقه للنجاح المتوقع، وانتهت مسيرته دون أن يحقق ما كان يُنتظر منه
لويس دياز


في المقابل، لاعب مثل صلاح، لا يُصنف ضمن "الفنانين" او المهاريين جدا في المرحلة الحالية لكنه يعرف متى وأين وكيف ينهي الهجمة، ولهذا كتب اسمه في سجلات التاريخ، 
لاعب اخرمثلا توماس مولر، لاعب بايرن ميونخ، الذي لا يملك رقصات دياز ولا سرعة صلاح الشابة، لكنه يفهم اللعبة كفيلسوف. يراقب، يحلل، يتحرك كظلٍّ خلف المدافعين، ثم يظهر فجأة ليهز الشباك. هكذا يصنع المجد: ليس بالضرورة بالأجمل، بل بالأذكى.

الإصابات والجانب المخفي من المهارات


وهذا كله دون أن نتحدث عن جانب بالغ الأهمية: خطر الإصابات، لان لكل شيء ثمن وكلما ازدات قيمة الاشياء الجميلة كلما ارتفعت كلفتها ف اللاعب الذي يكثر من المهارات المعقدة يعرض نفسه لالتحامات متكررة وإجهاد بدني هائل، ما قد يؤدي إلى إصابات تقطع مسيرته أو تقلل من استمراريته وكم من موهبةٍ لامعة انطفأت بسبب إصابةٍ جاءت بعد ركلةٍ متهوّرة؟ صلاح تعرض لإصابات، لكنّها لم توقف مسيرته لأنّه تعلم أن يحافظ على جسده، أن يختار معاركه، أن يلعب بذكاءٍ يقلل المخاطر. دياز، من ناحية أخرى، يعتمد على أسلوبٍ يستهلك طاقته ويعرّضه للاصطدامات، وهو ما قد يهدد مستقبله إذا لم يعدّل من أسلوبه، ربما ان اوضح مثال على لاعب مهاري تأكله الاصابات حتى تعلم الدرس كان عثمان ديمبلي ، في نسخة برشلونه كان ديمبلي لاعبا مهاريا من الطراز الاول لكن ذلك لم يكن بلا ثمن ، تقريبا أمضى اللاعب في العيادة اكثر مما امضى في ارضية الملعب ، لاحقا عندما انضم الى باريس يبدو أنه فهم الامر وكلمة السر هي تقليل المخاطر بتقليل المراوغات وزيادة القيمة والانتاجية بحاجة الى المباشرة صوب المرمى باقل كلفة ممكنة وأقل التحامات وها نحن نرى ونشهد نسخة مغايرة تماما للاعب وحاسمة بكل المقاييس . 

مراوغات دياز



ماذا يقول الجمهور؟

قد تجد مشجعين ينتقدون صلاح ويصفونه بالممل أو البعيد عن الفن الكروي، ولكن الأرقام تقول شيئًا آخر. صلاح يتصدر قوائم الهدافين، يحسم مباريات، ويقود فريقه في لحظات الحسم. المهارة الحقيقية هي تلك التي تُترجم إلى نقاط منذ انضمامهما إلى ليفربول، سجل صلاح قريبا من 250 هدف في جميع المسابقات، وصنع العشرات، بينما لا يزال دياز يبحث عن أرقام مزدوجة في موسم واحد. هذه الفجوة لا تفسرها الموهبة وحدها، بل الفهم العميق للعبة، والمشجعون قد ينقسمون. البعض يشتاق إلى صلاح القديم، الذي كان يراوغ بجنون ويهزّ المدرجات بخطواته السريعة. لكن الأغلبية تعلم أن الفوز هو ما يبقى. حين يسقط الستار، لا أحد يتذكر كم مراوغة قدمها اللاعب، بل يتذكر كم هدفًا سجّله. صلاح اليوم ربما أقل إمتاعًا للعين، لكنه أكثر فاعلية في صناعة المجد.
وهذا بالطبع ما تؤكده الارقام 
 
  • محمد صلاح: يُظهر
ساهم في 46 هدفًا خلال 34 مباراة، بمعدل 1.35 مساهمة تهديفية في المباراة الواحدة. هذا الأداء يعكس تطوره من لاعب مهاري إلى نجم حاسم في المباريات.​


  • لويس دياز:
 رغم امتلاكه لمهارات فردية رائعة، إلا أن مساهماته التهديفية أقل بكثير، حيث ساهم في 17 هدفًا فقط خلال 33 مباراة، بمعدل 0.52 مساهمة تهديفية في المباراة.​

من أراد المتعة البصرية، فليذهب إلى السيرك. أما من أراد المجد، فعليه أن يفهم سر اللعبة كما فهمه صلاح: أن تكون مؤثرًا، فعالًا، ذكيًا، وتخدم فريقك بالأهداف والنتائج.
محمد صلاح

 

الذكاء يصنع المجد 

في النهاية، ربما ان  كرة القدم لعبة قاسية. لايهمها من يرقص على الكرة، بل من يضعها في الشباك. لا تخلّد أسماء من يلهون باللحظة، بل من يكتبون النهاية. ومحمد صلاح اختار أن يكون مؤلف النهايات السعيدة، بينما ما زال آخرون يبحثون عن إعجاب الجمهور في منتصف القصة. الفرق بينهما هو الفرق بين التكتيك والعاطفة، بين العقل والقلب، بين الذي يعيش ليفوز، والذي يلعب ليُعجب.

مواضيع ذات صلة : 
google-playkhamsatmostaqltradent