الملثمون الاحرار ، صرخات من خلف الاقنعة
منذ اسابيع قليلة وفي غمرة ربيع 2025 الهادئ في السعوية ظهرت على السطح حركة سياسية شبابية غير مألوفة داخل بلد كالسعودية معروف بنظامه القمعي حيث يسجن الناس لمجرد لايك على الفيسبوك ، تُعرف الحركة باسم الملثمين الأحرار، حيث انتشرت مقاطع فيديو لشبان ملثمين يقولون انهم من داخل السعودية من مناطق الرياض وغيرها ويتحدثون عن القمع والحريات وانتقاد نظام السعودية الحاكم ، سرعان ما انتشرت فيديوهاتهم كالنار في الهشيم، بوجوه مغطاة بالكوفية وصوت يتحدى الصمت، يروي قصة مجتمع يكتم الغضب طويلاً حتى انفجر خلف القناع.
![]() |
حركة الملثمين الاحرار - صورة تعبيرية- |
من هم "الملثمون الأحرار"؟
هي في الحقيقة وان ظهرت وكأنها حركة غير منظمة من الناحية الشكلية، لكنها عميقة الجذور في الواقع السعودي من دون شك ، ظهرت الحركة فجأة من العدم ، لا قيادة معروفة ، ولا بيان تأسيسي، فقط مجرد وجوه مغطاة ورسائل مصورة، يطلقها شباب من مختلف المناطق السعودية، متحدّين قبضة أمنية لا ترحم، ومعبّرين عن رفضهم للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المفروض عليهم.
لماذا الآن؟
قد يكون ظهورهم في هذا التوقيت نتيجة طبيعية لتراكم سنوات من القمع لكنه بالعموم مرتبط بعوامل متشابكة ربما يمكن اجمالها في ثلاث عوامل رئيسية :
القمع السياسي:
عشرات النشطاء والكتّاب والدعاة خلف القضبان، لمجرد تعبيرهم عن رأي أو تغريدة.
الأزمة الاقتصادية:
ارتفاع الأسعار، البطالة، وفرض الضرائب دفع بالشباب إلى حافة الإحباط.
التغيير الثقافي المفروض:
تسارع التحولات الاجتماعية دون نقاش مجتمعي، فُسّر من قبل كثيرين على أنه تغريب قسري.
رمزية اللثام
لا يبدو اللثام اليوم مجرد اجراء امني للتستر واخفاء الشخصية خشية الملاحقة الامنية وحسب بل لأن اللثام او القناع أصبح رمزًا للاحتجاج والمقاومة - يمكن استحضار شخصية ابوعبيدة كاستلهام للفعل - وكما هو معلوم فلا يوجد مواطن في غالبية مناطق العالم العربي يثق بأن النظام يحميه ان عبر عن رايه.
اللثام هنا، هو وسيلة حماية بالطبع ، ولكنه أيضًا إعلان بأن هناك من لا يملك الحق في أن يُرى أو يُسمع إلا مختبئًا.
أثر الحركة وتفاعل الشارع
حتى الان لا يبدو ان الحركة تميل للعنف ولم تتخذ طابع تنظيمي ولاتزال عشوائية بالعموم لكنها بكل تأكيد تمثل تحولا نوعيا في الواقع السياسي السعودي ، جراة الشباب في ان يتحدثوا ويتحدوا النظام القمعي هي اشياء جديدة تماما على المجتمع السعودي والواقع الامني والسياسي فيه وبطبيعة الحال نجحت الحركة - ولو جزئيا - ب كسرا حاجز الخوف وهي بداية جيدة يمكن ان يبنى عليها في الطريق نحو الحريات الحقيقية في بلاد الحرمين ، لم يظهر حتى اللحظة اثر حقيقي في الشارع انما رسائلهم تلقى تفاعلًا كبيرًا في مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما تويتر ويوتيوب، حيث يجدون صدى لدى فئات واسعة من الشعب.
هل ستستمر الحركة؟
السؤال صعب ومفتوح على اكثر من احتمال ، فغياب التنظيم المركزي قد يكون نقطة ضعف وقد يكون ميزة، يُصعّب ملاحقتها أمنيًا لكنه يجعلها عرضة للتشتت أو الانحراف عن أهدافها. لكن ما نعلمه وما هو مؤكد حتى الان أن الملثمين الأحرار نجحوا في إيصال صوتهم، وبدأوا بحفر مكان لهم في الوعي الجماعي.
لكل شيء ثمن !
على اي حال لا احد يعلم ما سيحدث لاحقا او الى اين سيستمر هذا الحراك او هل نجح او فشل لكن المؤكد انها ليست مجرد ظاهرة عابرة بل مؤشر لتغير المزاج العام في المملكة ودلالة على ان لكل شيء ثمن ، فلا يمكن للنظام ان يدعي اطلاق الحريات ومشاريع الرؤية للملكة غير في 2030 ويقتصر ذلك على حرية اقامة الحفلات والاحتفاء بالراقصات او ترخيص بيع الخمور في المملكة ! سيرافق هذا الاجتراء على البديهيات والمسلمات السابقة شيء من الميل نحو الانعتاق والتحرر وان لم يكن على مزاج النظام ، فهذه صرخة انطلقت وان كانت لاتزال ضعيفة ومن خلف الاقنعة لكنها بكل تأكيد تسمع جيدا في اروقة القصور ودهاليز اللجان و المتابعات الامنية.
مواضيع ذات صلة :
المصادر:
مقاطع الفيديو المنتشرة على حسابات مثل: @mo7rr، @ii_mkk، @You61X
تقارير حقوقية لمنظمات مثل: القسط، DAWN، ومنظمة العفو الدولية
تحليل لحركة التعبير السياسي على يوتيوب وتويتر في السعودية (2023-2025)
متابعة لحملات الاعتقالات المتكررة للناشطين في الداخل السعودي