recent
أخبار ساخنة

العنف الأفقي ! العنف المجتمعي في الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر

 الضفة الغربية: كيف يحوّل الاحتلال القهر إلى عنف مجتمعي " افقي" ؟

يُعرِّف علماء الاجتماع "العنف الأفقي" بأنه تحويل الغضب من القاهر الحقيقي (الاحتلال) إلى الضحية الأخرى (المجتمع نفسه) وبذلك يتخذ العنف شكلا افقيا بدل ان يكون عاموديا وهذه الآلية تظهر جلياً في الضفة منذ السابع من اكتوبر وعموما منذ وجد الاحتلال،
 فما الذي يحدث وكيف يحدث ولماذا يحدث ؟
  

العنف الافقي في الضفة الغربية




كيف يعمل الاحتلال لخلق بيئة الانفجار ؟

نعيش تحت وطأة منظومة قمع متعددة الأوجه: اعتقالات عشوائية، حصار اقتصادي، استيطان يلتهم الأرض، وإعدامات ميدانية. بعد أكتوبر، تضاعف هذا الضغط: اجتياحات متكررة، قرى تُحاصر لأيام، وعائلات تفقد معيلها بين ليلة وضحاها. هذا الواقع لا يترك جرحاً جسدياً فحسب، بل يشلّ القدرة على الأمل، يتحول كل هذا الغضب الى برميل بارود يبحث عن اكسجين اشتعال ينفجر فيه! 
وعموما منذ 7 اكتوبر تحوّلت الضفة إلى مرجل يغلي بالعنف الداخلي. مشاهد الدم لم تعد حكراً على مواجهات الاحتلال، بل طالت الشوارع والجامعات والمنازل. سجلات المستشفيات تشهد يومياً على إصابات ناتجة عن مشاجرات بالسلاح الأبيض أو النار، في ظاهرةٍ تدفع لسؤال مرير: كيف و لماذا يتحول غضب المقهورين ضد بعضهم بدل أن يتجه نحو المحتل؟

حسنا ، لماذا يضرب الفلسطيني أخاه؟

عندما يعم الخوف وتعدم العدالة ،يكون العنف هو اللغة البديلة . وعندما تُنتهك الحقوق يومياً، يجد الشباب أنفسهم في دوامة ، لا مستقبل وظيفي في اقتصاد محطم.لا حماية من اعتقال تعسفي قد ينهي حريتهم.لا أفق سياسي يُبصر النور.
هنا، تتحول شرارة صغيرة - خلاف على ارض ، إهانة عابرة وصدقوني احيانا على 5 شيكل !! - إلى مذبحة، لأن الغضب المكبوت يبحث عن أي ذريعة للانفجار.

من القهر إلى العنف المجتمعي

العنف حين لا يتجه نحو مسببه (من يمارس القمع) س ينفجر غالبًا في أقرب نقطة أي داخل المجتمع. هذا ما يسميه علماء الاجتماع بـ"العنف الأفقي"، حين يتوجه الإنسان المقهور بالعنف نحو من يشاركونه القهر، بدلًا من أن يتجه عموديًا نحو القامع.

 هذا النمط من العنف الافقي يبدو اليوم في الضفة أكثر وضوحًا:

  • شجارات تنتهي بإطلاق نار.

  • ازدياد حالات العنف الأسري.

  • تفكك في البنى العشائرية والاجتماعية التقليدية.

  • غياب الردع المجتمعي وتراجع السلطة كضابط للسلوك.

اذا وفي المحصلة جين نتحدث عن قمع الاحتلال وغياب العدالة كأسباب بنيوية فهذا الفهم ياتي من واقع معاش يفهمه المجتمع 

فحين يعيش الناس في حالة قلق دائم من الاجتياح، ويشعرون أن لا قانون يحميهم، ولا سلطة تنصفهم، يصبح العنف وسيلتهم الوحيدة لتفريغ إحساسهم بالهزيمة. تتفكك الثقة بالمنظومة كلها، ويُعاد تعريف "العدو" بشكل مشوش.اذا يصبح الشاب الفلسطيني، الذي وُلد في واقع محتل، محرومًا من فرص العمل، مهددًا بالاعتقال أو القتل، عاجزًا عن السفر أو الحلم، قنبلة موقوتة تبحث عن انفجار.


كيف نعيد توجيه البوصلة؟


اكبر مخاوفنا واخطرها هي ان يصبح هذا الوضع الشاذ  "وضع طبيعي"، لكن الحلول ممكنة إذا أدركنا حقيقة المعركة ، وانها بالححقيقة ليست بيننا ربما نتدارك ذلك ببعض النقاط والحلول على عجالة:

  •  حوارات مجتمعية عاجلة كأن نفتح نقاش في القرى الأكثر تأثراً بالعنف، بقيادة شبان يؤمنون بضرورة الوحدة.
  • إعلام يفضح الاحتلال لا يلهي بالصراعات تسليط الضوء على جرائم المستوطنين بدل تضخيم المشاجرات المحلية.
  • مقاومة بحدود المتاح : تعزيز المشاريع الاقتصادية الصغيرة، الحملات القانونية الدولية، والإضرابات المدنية.
  • إصلاح المؤسسات: مطالبة السلطة بإصلاح أجهزتها الأمنية والقضائية، لاستعادة ثقة الناس.

الانذار الاخير 

العنف الافقي في الضفة ليس مرضًا أخلاقيًا، بل عرض لمرض سياسي واجتماعي أعمق، وهذا مسؤول عنه الاحتال بالدرجة الاولى فهولا يغتالنا بالبندقية وحسب ، بل بالتفكك الداخلي. ومقاومة ذلك تبدأ أولًا باستعادة وحدتنا، وفهم أن الغضب الحقيقي يجب أن يُوجه إلى من صادر أرضنا وحاصر أحلامنا، لا إلى من يشاركنا نفس الألم.

في مجتمع محتل، لا يمكن أن يكون العنف المجتمعي "تفصيلًا جانبيًا". إنه إنذار. وحين تكثر الإنذارات، إما ننهار أو نُعيد تنظيم صفوفنا.


google-playkhamsatmostaqltradent