.png "أوغاريت")
شكراً غاري لينيكر.. حين يُطرد الصوت الحر لأن كلمة "فلسطين" تزعجهم
في عالم مليء بالتناقضات واالعناوين البراقة والمثاليات الزائفة ، عالم يبيع فيه معظم النجوم والمشاهير سكوتهم مقابل الكاميرات والشهرة، يقف رجل واحد ليذكرنا أن الضمير قد يكون أثمن ما يخسره المرء في معركة الشهرة.
غاري لينيكر، لاعب الكرة الأسطوري ومذيع برنامج Match of the Day الأشهر في بريطانيا،
يخسر وظيفته ليس لأنه أخطأ في تحليل مباراة أو فشل في تقديم فقرة تلفزيونية. بل يخسر منصبه لأنه تجرأ على قول كلمتين: غزة.. فلسطين.
من هو جاري لينكر ؟ وكيف تحول فجأة "لخطر" على المؤسسة
غاري او جاري لينكر( بالحالتين تلفظ بجيم مصرية ) أشهر من نار على علم وليس بحاجة الى تعريف ، لاعب انجليزي لعب لبرشلونة خلال فترة من مسيرته ولعب كذلك لتوتنهام ولنادي ليستر وايفرتون واندية اخرى ، لعب جاري لينكر الجولف ايضا لفترة لكنه توقف لاحقا بسبب اصابته بمرض التهاب المفاصل ، وعلى ذكر المرض والعلة فاسم جاري لينكر ارتبط بواحد من أغرب مواقف كرة القدم التي ترددت صراحة في نقله لكم لكنه اعترف بنفسه بهذه الحادثة المثيرة للاستغراب وربما " التقزز" لكنه يبدو فخورا حين حكى عنها واظهر مدى اخلاصه لفريقه الوطني والحادثة هي ان جاري لينكر يعرف بأنه اللاعب الذي تغوط على نفسه خلال مباراة في كأس العالم واكمل اللقاء !! ، وعلى ذكر كأس العالم ف لينكر هداف كأس العالم 1986، ويعتبر واحد من أبرز وجوه الرياضة البريطانية، تحول بإتقانه لغة الكرة إلى مذيع رياضي ومقدم تلفزيوني ولا نبالغ اذا قلنا إمبراطور إعلاميلكن كل ذلك اختفى فجأة ولم يشفع له حين قرر أن يكون انسانا وأكثر من مجرد مذيع.
"بي بي سي"، التي احتضنته لعقود، سرعان ما أدارت ظهرها له حين اكتشفت أن النجم الذي صنعته يرفض أن يُغلق عينيه عن جرائم الاحتلال.
مقطع "الصهيونية في دقيقتين"
السبب وراء اقالة لينكر والأزمة التي اشتعلت منذ فترة بدأت عندما أعاد لينيكر مشاركة مقطع بعنوان:
"الصهيونية في دقيقتين" من صفحة Palestine Lobby. الفيديو، الذي تضمن صورًا تاريخية ورموزًا اعتبرها البعض إساءة لليهود، تحول إلى سلاح في يد من يبحثون عن حجة وسبب لإسكاته. وعلى الرغم من اعتذاره الواضح حيث اوضح وقال لاحقا : "لم أكن أعلم بوجود رموز مسيئة"الا ان القرار كان جاهزًا:
إما أن تختفي كلمة "فلسطين" من خطابك، أو تختفي أنت من الشاشة.
بي بي سي تتنكر لمبادئها.. بدم بارد
أعلنت BBC أن لينيكر "غادر بالاتفاق"، لكنه في الواقع أُجبر على الرحيل كانت رسالة الوداع بين الطرفين ( غاري وبي بي سي ) جافة ورسمية وخالية من العاطفة .
وكذلك كان البيان الرسمي لـBBC خاليامن أي شكر أو إشادة، وأكد أن لينيكر لن يتلقى تعويضًا ماليًا.
و الرسالة هنا واضحة تماما: دعم فلسطين جريمة لا تُغتفر، حتى لو ارتكبها رجل صنع جماهيرية القناة لعقدين.
المفارقة؟ المؤسسة التي ترفع شعار "حيادية إعلامية" تنسى أن الحيادة الحقيقية تعني الوقوف عند الحق، لا الانحياز للقوي ضد الضعيف.
مواقف لن تُنسى.. حتى لو حاولوا محوها
لينكر الانسان اعتاد على هذه المواقف المنحازة للانسان عموما فهذه ليست المرة الأولى التي يدفع فيها ثمن صراحته:
عام 2023: أوقفته BBC مؤقتًا لتغريدة شبه فيها سياسة بريطانيا مع اللاجئين بألمانيا النازية.
عام 2021: كتب عن غزة: "المحرقة الحقيقية تحدث الآن.. أطفال يُقتلون تحت القصف بلا ذنب".
عام 2018: هاجم سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين ووصفها بـ "العار الأخلاقي للعالم".
كل هذه المواقف جعلت منه عدوًا لدودًا لجماعات الضغط الإسرائيلية التي لا تريد للرواية الفلسطينية أن تصل إلى الجماهير الغربية.
عام 2021: كتب عن غزة: "المحرقة الحقيقية تحدث الآن.. أطفال يُقتلون تحت القصف بلا ذنب".
عام 2018: هاجم سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين ووصفها بـ "العار الأخلاقي للعالم".
كل هذه المواقف جعلت منه عدوًا لدودًا لجماعات الضغط الإسرائيلية التي لا تريد للرواية الفلسطينية أن تصل إلى الجماهير الغربية.
الرأي العام و ازدواجية الغرب
ردود الفعل كانت منقسمة بسبب قوة الرواية والبروبغندا التي تسوقها الصهيونية في بريطانيا :
مؤيدوه: اتهموا BBC بالخضوع لـ "لوبي إسرائيلي" والتضحية بأسطورة إعلامية لحماية أجندة سياسية.
معارضوه: رأوا في الفيديو "تجاوزًا" للخط الأحمر، مع أن نفس المؤسسة تسمح بتغريدات أكثر حدة ضد روسيا أو الصين.
على اي حال هنالك سؤال عالق لا استطيع تجاوزه ويساله الكثيرون : لماذا "فلسطين" في الإعلام الغربي شماعة تُعلق عليها تهم معاداة السامية، بينما جرائم الاحتلال تُمرّر كأمر واقع مسلم به ؟
معارضوه: رأوا في الفيديو "تجاوزًا" للخط الأحمر، مع أن نفس المؤسسة تسمح بتغريدات أكثر حدة ضد روسيا أو الصين.
على اي حال هنالك سؤال عالق لا استطيع تجاوزه ويساله الكثيرون : لماذا "فلسطين" في الإعلام الغربي شماعة تُعلق عليها تهم معاداة السامية، بينما جرائم الاحتلال تُمرّر كأمر واقع مسلم به ؟
حرية التعبير حين تكون على المقاس "بريتش ستايل"
المسألة ليست معقدة والمعايير هنا واضحة يمكنك أن تدعم أوكرانيا بكل ما أوتيت من قوة، تُهاجم بوتين، وتصف روسيا بالإرهاب.. او تدعم المثليين او عباد البقر او الفئران او مجتمعات الشعوذة او مهما يكن فهذا "حق مقدس".
لكن ممنوع عليك ان تتعاطف مع فلسطين ف إن تعاطفت مع طفل فلسطيني يدفن تحت أنقاض منزله، فأنت إما "معادٍ للسامية" أو "داعم للإرهاب".!!
باختصار : الرسالة التي توجهها المؤسسات الغربية: "حرية التعبير" ليست مطلقة، بل بطاقة عبور تُمنح فقط للذين يلوّحون بالعلم "الصحيح".
ما بعد الـBBC: اين وجهة لينيكر الجديدة؟
" عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " ربما يكون رحيل لينيكر عن القناة بداية لمرحلة أكثر إشراقًا. حيث ان هنالك تقارير تشير إلى أن عروضًا دولية تُطرق بابه، ومنصات مستقلة ترغب في استضافة صوته الذي رفض أن يباع او يُشترى.
هو نفسه كتب بعد الرحيل:
"أحيانًا تخسر موقعك لتربح روحك.. لا ندم لدي".
لماذا "شكرًا"؟
شكرا لأن لينيكر لم يختر الطريق السهل. كان بإمكانه أن يبتسم في الكاميرا ويطلق النكات و ويتحدث عن أهداف مباراة الأمس بهدوء وطمأنينة لكنه فضل أن يكون صوتًا لمن لا صوت لهم. في زمن يبيع فيه الإعلام ضميره، كان رفضه للصمت درسًا في الكرامة.
وعموما فالتاريخ يتذكر دومًا أولئك الذين وقفوا عندما تطلب الموقف وقفة. لينيكر يعرف جيدًا أن الثمن قاس والعقوبة شديدة لمن يملك وقفات عظيمة ، لكنها تُخلد اسم صاحبها في سجل المختلفين. ربما تكون BBC قد أطفأت كاميرته، لكنها زادت من إشعال قضيته في قلوب الكثيرين .
رأيك يهمنا..
هل تعتقد أن ما حدث مع غاري لينيكر يعكس حالة خاصة ام أزمة حرية تعبير في الغرب؟
هل دائما يُغتال الإعلاميون عندما يتضامنون مع فلسطين بالذات ؟وكيف تفسر صمت المؤسسات الدولية عن جرائم الاحتلال بينما تطارد من يتحدث عنها؟
شاركنا رأيك، وانشر المقال لو تؤمن أن فلسطين تستحق أن نرفع الصوت عاليًا مهما كان الثمن.
مواضيع ذات صلة :
كلمات المفتاحية:
غاري لينيكر، BBC، اقالة غاري لينيكر، Match of the Day، حرية التعبير، معاداة السامية، دعم فلسطين، غزة، الإعلام الغربي، ازدواجية المعايير، شكراً غاري لينيكر
غاري لينيكر، BBC، اقالة غاري لينيكر، Match of the Day، حرية التعبير، معاداة السامية، دعم فلسطين، غزة، الإعلام الغربي، ازدواجية المعايير، شكراً غاري لينيكر